معجزة النبي صلى الله عليه و سلم
صفحة 1 من اصل 1
25082012
معجزة النبي صلى الله عليه و سلم
بسم الله الرحمــن الرحيم
و صلى الله وسلم و بارك على سيدنا محمد و على آل سيدنا محمد
سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن أعظم الشرك فقال " أن تجعل لله ندا وهو خلقك " والمعنى لا تستعينوا برزقي على عبادة غيري
سؤالان : الأول : إن واضع اللغة هو الله عز وجل فإن كان كذلك فتفسير كلام الله لمن توسع في اللغة وعرف معاني القرآن فإنه تتضح عنده المعاني الموضوعة لها الألفاظ لكثرة إطلاعه على المواد
والجواب : أنه لا ملازمة بين الألفاظ المشتركة الموضوعة ، وقد يريد الحق منها أحد معانيها فيصرفه المفسر للمعنى الآخر الذي لم يقصده الحق تبارك وتعالى فيقع الخطأ ، كالعين فإنها موضوعة للباصرة والجارية والذات والتقدير فتخصيص أحدهما بالمعنى لا يفهم إلا بتفهيم الله له ، والقرائن لا تفهم شيئاً لأنها قد تكون ظاهرة بحسب فهم القرينة والحال أن هناك قرينة غير هذه خفيت عنه تظهر لغيره وقد يكون ليس معتمداً فيه على القرينة فلا يفهم معنى كلام الله إلا بنور إلهي يفرق به العبد بين الحق والباطل ، وسبيله ليس الكسب فقد يفسر العارف ويكون مراد الحق غير ذلك . بخلاف الذي أوقفه الله على مراده من كتابه ، فإذا كان الفهم إلهيا فإن صاحبه لا يخطئ (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم) بالبناء على الفاعل
هذا والأنبياء عليهم الصلاة والسلام بعض المرات لا يهتدون لمراد الحق من كل الوجوه وإن كانوا لا يخطئون ، قال الله تعالى في حق داود وسليمان (ففهمناها سليمان) والحال أن داود لم يخطئ وإنما حكم بحق (وكلا آيتنا حكما وعلما)
ولكن لما كان حكمه فيه الضرر على صاحب الغنم ، وحكم سليمان لا ضرر فيه وهو مرض للجانبين كان أولى والحق هو الذي أفهمه وذلك قول الله تعالى (إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم) والنفش هو الرعي ليلاً
وقد حكم رسول الله r على أصحاب الدواب أن يحفظوا دوابهم بالليل ، وعلى أصحاب الزرع أن يحفظونها بالنهار ، فإن رعت ليلاً كان الضمان على أربابها ، وإن رعت نهاراً لا شئ عليهم ، فداود حكم بالضمان فلم يخطئ ولكن لما قومت الغنم وصارت قيمتها مساوية لقيمة الزرع حكم بأن تعطي الغنم لصاحب الزرع
والحكم كذلك من جهة أن الغريم إذا كان دينه قدر المال يحكم له به ، ولكن لما كان يمكن أن يوفى من غير ضرر بالمدين كان أولى ، فحكم سليمان أن يأخذ الغنم صاحب الزرع فيحلبها ويأخذ الزرع صاحب الغنم فيسقيه حتى يعود إلى حاله الذي أكلته فيه الغنم فيأخذ غنمه ويترك لصاحب الزرع زرعه
كان ذلك أولى لأن صاحب الزرع كان يتعيش من زرعه وصاحب الغنم كان يتعيش منها أيضاً ، فلما كانت معيشة صاحب الزرع هي التي تحمله على الاستعجال بالقيمة أعطاه إياه فصبر وصاحب الغنم ثمرته أضاعها بتفريطه في الغنم فهذا هو الفهم أ هـ
(الثاني) : الزينة قد أمر الله بها ولم يحرمها ، فإذا أحب أحد الزينة من الناس والله يقول (قل من حرم زينة الله) فما الحكم بذلك ؟ أ هـ
والجواب : أن المراد بالزينة هي زينة الله أي التزين لله ، إن الله إذا أنعم على عبده نعمة أحب أن ترى عليه كأن يتزين ليراه الحق متجملاً بما أعطاه ليحبه ، لا ليراه الناس على صفة حسنة ، فتلك زينة الناس لا زينة الله فهي مراقبة غير الله التي هي الرياء بعينه أ هـ
فكلهم طلبوا البينة على أنه لا ريب فيه ، فقال تعالى : (وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعو شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين)
هذا راجع لقوله : (ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين)
علم الله أن هذا الرسول الذي أرسله لابد أن تطلب منه بينة حتى يتبع أعطاه بينة الإعجاز أ هـ
والريب : التردد في الشئ ، وأثر (عبدنا) على رسولنا لأنهم لم يقروا برسالته ؛ ولا، العبودية أشرف الأشياء فلذلك وصفه الحق بها في أشرف أوقاته وهي ليلة الإسراء فقال (سبحان الذي أسرى بعبده) تحداهم بسورة واحدة وهذا آخر الإعجاز لأنه أولا طالبهم بالقرآن كله وذلك قوله (فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين)
لأنه لا يحسن في العرف أن يطلب من أحد الشئ القليل فإن عجز طلب منه الشئ الكثير فإن عجز طلب منه الأكثر لأنه لما عجز عن القليل من الكثير فالأكثر أعجز وأعجز وإنما يطلب الكثير فإن عجز خفف عنه
وقوله حجة وعناد وإظهار للعباد وإلا فهم يعرفون أنه من عند الله (فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون) فعجزوا فقال لهم لما قالوا افتراه (قل فاتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله) وقد دعاهم إلى الإيمان بها والعمل كما أنه دعا إلى الإيمان بالقرآن
فآمن به رجال عقلاء يعرفونه وامتثلوا أحكامه ، ومن الذي يجيب إلى الإيمان بها وهو يعلم أنها مفتريات افتراها فلان . ويلزم نفسه أحكاماً فقرأه عليهم فعجزوا ولم يأتوا بشئ فقال لهم (فإن لم يستجيبوا لكم) أي إلى الإيمان بها (فاعلموا أنما أنزل بعلم الله) فقال في آية يونس أيضاً (أم يقولون افتراه قل فاتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين)
أي ادعوهم إلى الإتيان بها والسورة ثلاث آيات فطلب منهم ثلاث آيات كالقرآن لها معنى صحيح تخبر بأمر مغيب إما إخبار فيم مضي وإما بما سيكون كقوله (إنا أعطيناك الكوثر) … الخ
وسبب نزولها لما مات ولد النبي صلى الله عليه و سلم القاسم فقال المشركون : إن محمداً قد بتر : يعني انقطع نسله فنتربص به ريب المنون ، يموت كما يموت الناس فلا يبقى معه من يحيى دعوته ، فرد الله عليهم بقوله (إنا أعطيناك الكوثر) أي أهل الكوثر فحذف المضاف أي إن أخذنا منك ولدا واحدا فقد أعطيناك المؤمنين كلهم أولاداً لك يحيون دعوتك (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وهو أب لهم) هكذا في مصحف أبي وعلى أيضاً ، والمعنى كذلك من كانت زوجته أمك من أجلها فهو أبوك ، وهذا إخبار بالغيب فإن الإسلام حين نزولها كان ضعيفاً ليس معه إلا خديجة وعلى ونحوهما فلذلك يقولون (نتربص به ريب المنون)
وقوله (فصل لربك) أي اسجد شكراً لهذه النعمة (وانحر) أي الأعداء بأهل الكوثر الذين أعطيناكهم في نحور أعدائك وابترهم ، فلم يخلفهم من أولادهم أحد يحيى دعوتهم بل من خلف ولداً ولده صار ولد النبي r وبتر أوبه ، ونحرهم بأولادهم كأبي عبيدة عامر بن الجراح فإنه قتل أباه الجراح يوم بدر ، وذلك أن أباه كان يتحرى أن يقتله فكلما رآه قبله حاد عنه وأبوه لم يزل يتبعه ليرميه فلما رأى أنه لا يدعه قتله
وكخالد بن الوليد أبوه الوليد بن المغيرة كان من المؤذين لرسول اللهصلى الله عليه و سلم فأعطى الله ولده للنبي ، وكعكرمة بن أبي جل أعطاه للنبي r فدمرهم بأولادهم ثم قال (إن شانئك هو الأبتر)
وهذا إخبار عن مغيب أيضاً لم يقع حينئذ ، لأن دين الكفر حينئذ كان في شدة وقوة ، ولا يتخيل للناظر أنهم سيبترون ، فأخبرهم الحق في أقصر سورة بثلاث معجزات
الأولى : أن النبي له أولاد بلا عدد وهم أهل الكوثر
والثانية : فيها الأمر بنحرهم من قبل ظهورهم وكما أمر وقع
والثالثة / أخبره أن المشتركين هم المبتورون وكانوا حينئذ أقوياء بأنبائهم فانبتروا إلى الآن فما ثم من ينتسب إليهم أ هـ
فالمثلية المطلوبة هي أن يؤتي بكلام فيه إخبار بالغيب إما الأخبار من الماضي كقصص أدم وخروجه من الجنة ، وقصة نوح وإبراهيم وموسى وهارون ويوسف ، والله يقول (وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر) (لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين) أي آيات نبوة محمد r فإنه أخبر بأمر غيب ولم يكن يحضره لأنه لم يكن موجوداً بذاته في زمن يوسف
فكل هذه القصص مكتوبة في الكتب السابقة التوارة والإنجيل وغيرهما ، وكل ما حكاه سئل عنه أهل الكتاب الذين لم يجحدوه فقالوا ما أخطأ حرفاً واحداً ولم يكن جالس أهل الكتاب بل كان راعياً للغنم ، وأبعد الناس عن القصص والأخبار رعاة الغنم ، ولا يعرف الكتابة ، كتب له اسمه فلم يعرفه من طريق الظاهر
فلذلك قال لعلي حين أراد محوه : أرنيه حين كتب هذا ما صالح عليه محمد رسول الله . فقال أبو سفيان : لو علمنا أنك رسوله ما نازعناك اكتب محمد بن عبد الله فقال لعلي : امحه ، واكتب محمد بن عبد الله فقال على : والله لا أمحو اسمك فقال : أرنيه فأراه إياه فمحاه والله يقول : (وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك)
وقال أيضاً حين قالوا (يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين) فإن افتروا كلاماً كتاباً عربيا فصيحاً فماذا يعملون في الإخبار عما مضى كما أخبر القرآن
فكيف يفترون القصص السابق ويوجد كما هو في الكتب المنزلة (لقد كان في قصصهم عبرة لأولى الألباب ما كان حديثاً يفترى) أي فمثل هذا لا يمكن أن يفترى ؟ ومن أين يتأتى لهم الإخبار عما سيكون في المغيبات ، وكم معجزات من القرآن أخبر بها قبل وقوعها فوقعت كما أخبر ؟! فمن أين ينصبون سلالم الكهانة كذلك ويأتون به ؟!
ولما كانت المراتب السابقة الثلاث الأولى فيها بعض المشقة لكونها طلب فيها القرآن كله ، والأخريان لكونهما مقترنين بالدعوة إلى الإيمان بها ، ومن آمن بها لزمته أحكامها وتكاليفها من صلاة وصوم قال لهم في هذه الآية (وادعوا شهداءكم) أي ائتوا بمن يشهد أنها من عند الله ولا يؤمن بها حتى تلزمه أحكامها فتكفي الشهادة منه بالتوراة والإنجيل أنها من عند الله . فإنه شهادة منا أنهما حق . ولا يلزمنا أحكامهما بل كانت لأهلهما قبل نزول القرآن . فلم يأتوا بشئ ، فقال لهم الله (فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا)
وهذه معجزة أخرى فنفى عنهم الفعل في الحال والمستقبل وكان كما أخبر فلم يأت أحد بشئ إلى وقتنا هذا
وقوله (في ريب) أبلغ من أن نقول (وإن ارتبتم) لما فيه من الإشارة إلى أنهم متفاوتون في الريب (مما نزلنا) أبلغ من أن يقول فيما نزلنا لأنه يمكن الإتيان بشئ يسير أي وإن كنتم مرتابين في شئ منه لا في كله فأتوا بسورة
وقوله (عبدنا) أتى به دون رسولنا لأنهم ينكرون الرسالة فخاطبهم بالعبودية التي لا ينكرونها وهي أشرف أسمائه r لما فيها من الذل الكامل لسيده
والعبد يعظم قدره على قدر تواضعه لسيده فلذلك أطلقها الحق عليه في أشرف أوقاته وهي ليلة الإسراء فقال (أسري بعبده) فلو كان في تلك الليلة اسم أشرف لخاطبه به ، والذل هو الوصف الموجب للنصر (ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة) يعنى أذلة لله ومن أجله لا لغيره ، وأما الكفار فأعزة عليهم كما قال الله : (أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين) وكانت العرب شأنها البلاغة في الكلام ، وأرسل الله رسوله بالقرآن وجعله معجزته الكبرى . وإن كانت له معجزات غيرها
وقوله (إن كنتم صادقين) ليس معناه إن كنتم صادقين في أنكم مرتابون ، إذ الريب لا يوصف بالصدق بل راجع إلى ما رجحوه في عقولهم من أنه ليس من عند الله ، وأنه تقوله ، لأنهم يترددون فيقولون تارة من عند الله وتارة من عند بشر آخر وتارة يقولون : تقوله
ولهذا كل رسول يعطيه الله معجزة من جنس ما عليه قومه فلما كان في بني إسرائيل السحر أرسل الله إليهم موسى باليد البيضاء والعصا تنقلب حية ، فاجتمع السحرة فأعجزهم وذلك في قول الله (فجمع السحرة لميقات يوم معلوم) وهو يوم الزينة وكان عاشوراء ، وما عمل الميقات موسى إلا بإذن الله
وكانت السحرة ثمانين ألفاً ، وقيل للناس هل أنتم مجتمعون ؟ واجتمع خلق لا يحصون ، إذا كان هكذا فما بالك بالمتفرجين والجيش الذي سيقطع أيدي ثمانين ألفاً وأرجلهم ويصلبهم به كما هو ، وقد أنطق الله فرعون بحقيقة حال السحرة قبل أن تظهر فقال لهم : (وإنكم إذا لمن المقربين)
وكذلك كان فصاروا في حينهم أولياء مقربين فجمعوا كيدهم وصاروا صفا واحدا وجاء موسى وهارون صفا يقابلون الثمانين ألفا أيضاً (فألقوا حبالهم وعصيهم وقالوا بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون)
صارت العصي والحبال تتحرك من السحر الذي عملوه فيها ويتخيل للناظر أنها تسعى (فأوجس في نفسه خيفة موسى)
خاف أن يلتبس الحق بالباطل حيث أتوا بشئ وهو يأتي بشئ فيظن الناس أنهم سواء ، وإلا فلو خاف من سحرهم لما قال له الحق (إنك أنت الأعلى وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا) إنما نأخذ السحر من الحبال والعصي فنتركها حبالاً وعصياً على أصلها فلا يرى فيها ذلك التحرك ، ويزول تخيل أنها تسعى فهي تأخذ ما صنعوا وهم ما صنعوا العصي فإنها صنع الله ولا الحبال فإن الحبل نفسه ليس سحراً صنعوه
وقد بين الحق صنعهم فقال (إنما صنعوا كيد ساحر) فأخذت ذلك الكيد فقوله (تلقف ما يأفكون) معناه ابتلعت السحر من الحبال والعصي وتركتها حبالاً وعصياً على أصلها ، وإلا لو ابتلعتها وهي على حالها تتحرك لسري الاحتمال إلى أنه ساحر أكبر منها جاء بسحر عظيم ، فالمعجزة في إبطال سحرهم لا في ابتلاع عصيهم وحبالهم ولأنه يمكنهم أن يأتوا بسحر آخر يعارضون به
وقوله (فألقي السحرة ساجدين) لم يقل سجدوا لأنهم لم يسجدوا باختيارهم ، بل الحق هو الذي ألقاهم فهم مأخوذون عن أنفسهم لا بتدبرهم في ذلك ، فكان عين ابتلاع العصي لسحرهم هو عين زوال الحجاب عن قلوبهم ، فصاروا في الحين أولياء شاهدين فلذلك غابوا عن الحور والقصور وقالوا : (والله خير وأبقى) ولم يقولوا : والآخرة خير وأبقى
وقولهم (برب العالمين) لما كان يمكن أن يصرفه فرعون عن ظاهره ويقول لهم رب العالمين قالوا (رب موسى وهارون) وإلا لكان قولهم رب العالمين كافياً ثم توعدهم وقال : (لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم أجمعين) (قالوا لا ضير) أي لا ضرر علينا في ذلك . لأن القتل يجمعنا على حبيبنا وذلك قولهم (إنا إلى ربنا منقلبون) أي ذلك التعذيب والقتل يجمعنا عليه وقالوا له : (أن كنا أول المؤمنين) فهي حقيقة فيهم فهم عن أنفسهم قائلون ذلك بربهم عن ربهم ، وهذا أمر لا تأتي العبارة إليه بشئ وإنما هي أحسن من السكوت
وفعل فرعون بالسحرة ما توعدهم به فكان يأتي بالواحد منهم فيقطع يده ويقول له : إن رجعت تركناك وإلا قطعنا رجلك ثم صلبناك فلا يرجع ، ويقول له : لا ضير ، فينقطع رجله فيقول كذلك فيصلبه هكذا حتى انتهى إلى آخرهم فلم يرتد واحد منهم لأن إيمانهم كان إيماناً شهودياً عيانياً ولو كان على الغيب ما ثبتوا هكذا
فتبين أن المعجزات والخوارق لا تجئ بإيمان ، وإنما هي إقامة حجة . فلا يؤمن أحد إلا إذا أن للإيمان أن يسكن في قلبه (أولئك كتب في قلوبهم الإيمان) يعني أوجبه وأثبته كقوله (كتب عليكم الصيام) (كتب عليكم القصاص) (كتب عليكم القتال) فلا عوارض تزيله ولا خوارق تزيده (ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم) إلى أن قال (وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله) وقال الله (وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون) وقال الله (ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمعم الموتى وحشرنا عليهم كل شئ قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله) (ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين)
ولا فرق بين أن يكون خرق العادة خارجاً عن نفسه أو فيها فإنهم لما قالوا (أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه) قال الله (ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون) أي بأنفسهم فضلا عن رقيك أنت (لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون)
(فإن لم تفعلوا) هذا أبلغ من أن يقولوا فإن لو تأتوا لأنه يعم ما يأتون به من عند أنفسهم وغيرهم
والخطاب راجع إلى (ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر) وإلى المخاطبين بقوله (وإن كنتم في ريب) وقوله (ولن تفعلوا) وكذلك
والمراد نفس الأمرين مع الإتيان بالسورة والشهادة فلم يأتوا بشئ منهما ولن يأتوا به . وقوله (فاتقوا النار) أي بلا إله إلا الله فهي كلمة التقوى )وألزمهم كلمة التقوى) وهو أبلغ من أن يقول آمنوا لما فيه من التخويف
وقوله (وقودها) وقودها بفتح الواو أي الحطب ، وأما الوقود بضم الواو فهو الإيقاد فعل الفاعل الذي هو المصدر ، وجهنم لا حجر فيها ولا حطب بل هم حطبها وأصنامهم (إنكم وما تعبدون من دون الله حطب جهنم أنت لها واردون) والنار هي حار منضغط بعضه في بعض ، وهي بنفسها تحرقهم واتقادها المروى في حديث " أوقد عليها ألف عام حتى اسودت " هو عين إيجادها فليس أنها يلقى فيها حطب فتوقد به
وقوله (الحجارة) التي عبدت من دون الله والشمس والقمر والكواكب وفائدة إدخالها أنه يحرقهم بعين ما عبده فيصير ما عبدوه معذبا لهم بنفسه وهو حينئذ يصير من جنس النار (يوم يحمى عليها في نار جهنم) الآية فالذهب والفضة من جملة الحجارة التي يعذبون بها وقوله (أعدت) أي هي صورت لهم من سابق لا النار تخلق لهم يوم القيامة بل هي موجودة
وقال الله أيضاً (وإن جهنم لمحيطة بالكافرين) يعني في الدنيا
وكان رسول الله r جالساً مع أصحابه فقال لهم : إن حجرا ألقي من شفير جهنم منذ سبعين سنة الآن بلغ فيها ، وهم سمعوا هذه فما لبثوا يسيرا أن سمعوا صيحة في بيت رجل من المنافقين مات فعدوا عمره فإذا هو سبعين سنة ، وكان هو الحجر المشار إليه
فأصحاب جهنم هنا وهم فيها في عين كونهم هنا ، وكذلك أصحاب الجنة وقد رآها الرسول r ليلة أسري به ، وكذلك نقلت له في هواء وصاح شوقاً فقال للصحابة : 0دنت مني جنتي إنها كادت أن تمس ثيابي وذلك حين رأيتموني عين يقين وقال : (دنوت من الجنة وذلك حين رأيتموني تقدمت وقال : حتى هممت أ، أخذ عنقوداً من ثمارها ولو أخذته لأكلتم ما بقيتم) وكذلك أن ثمار الجنة لا مقطوعة ولا ممنوعة
ومعنى ذلك أنها لا تمتنع من أخذها ولا تفقد في محلها وتنفصل عنه ، بل في عين أخذها هي باقية كالسراج إذا أردت أن تأخذ منه قبساً خذ منه وهو باق في أصله لا ينعدم ، فأنت أخذت منه وانتفعت ولم يحصل بذلك نقص
فمن أجل ذلك قال الرسول r " الناس شركاء في ثلاثة : الماء والنار والكلأ "
قال الحق تعالى في معنى ذلك لبعض المقربين : أرأيت إن كنت في مغارة ومعك ماء والناس محتاجون إليه وأنت غير محتاج إليه ومنعتهم من أبخل منك ؟ فقال لا أحد . فقال له : أفأمنعهم رحمتي وهم محتاجون إليها وأنا غني عنها
وقوله (للكافرين) ولم يقل لكم لأنه ثبت كفرهم فصرح به وهي راجعة إلى (ومن الناس)
قوله تبارك وتعالى : (وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار كلما رزقوا منها من ثرة رزقاً قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابها ولهم فيها أزاج مطهرة وهم فيها خالدون) المخاطب يفسر بعبادنا على سبيل الالتفات ، والتبشير : الإخبار بالخبر الذي يؤثر في البشرة من باب قول رسول الله r " من أسر سريرة ألبسه الله رداءها)
فتارة في الخير وهو الأكثر وهي البشاشة التي تظهر على بشرة صاحبه ، وتارة في الشر كقوله (فبشرهم بعذاب أليم) لرؤية الحزن في وجوههم والمراد بأن الذين آمنوا هم المتقون الذين قال فيهم (لا ريب فيه هدى للمتقين) لأنه لما ذكر جزاء المرتابين . ناسب أن يذكر جزاء الذين لم يرتابوا (الذين آمنوا) المراد به ما يعم الظالم لنفسه والمقتصد والسابق بالخيرات من الرجال والنساء
والمراد بالظالم لنفسه في كلام الله الذي قصر ظلمه على نفسه بأن أطال قيامها وصيامها وأجهدها وأتعبها بالأعمال الشاقة فلم يرحها ، وهو إن كان محموداً ولكنه يطلق عليه لأنه ظلمها حقها فإن رسول الله r قال : " إن لنفسك عليك حقا "
وليس الظالم الذي يظلم الناس قلنا لك لم يطلقه بل قيده بقوله (لنفسه) ، وأما الظالم لغيره فذلك لا يحبه الله والله لا يحب الظالمين ومن لا يحبه لا يبشر ، وهو الذي لم يتخلص من هواه من جميع الوجوه وإن قام بالعبودية لكونه يقوم فيا بنفسه فلابد أن ينقص عليه شئ ، والسابق هو الذي قام بالعبودية بربه فإن كان ربه سمعه وبصره وسائر قواه فهو المقرب (والسابقون السابقون أولئك المقربون) ولم يقر المتقربون
لكن هو الحق الذي قربهم فهم مأخوذون عن أفعالهم ، وأما المتقربون فهم أصحاب اليمين سواء كانوا مقتصدين أو ظالمين لأنفسهم ، والظالمون الظلم المطلق هم أصحاب الشمال فالآية جاملة الكل ولكن بشارتهم بحسب مقاماتهم فمنهم من الجنات في حقه جنات معارف ومنهم من الجنات في حقه جنات زخارف
والمراد بالإيمان المذكور في حديث جبريل عليه السلام (أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وتؤمن بالقدر خيره وشره) فهو غير عمل الصالحات فلذلك عطف عليه
وأقل العبادة التي يدخل الإنسان بها الجنة إقامة الفرائض . أما ما وراء ذلك فهو من الربح ، فإذا اقتصر على الفرائض ورضي بذلك القدر كان كافياً ، والصلاح ضد الفساد لأن الإنسان يتجر في المال ليزيده ، وإذا كان كذلك فرأس المال محفوظ معه ويطلب الربح ، وأما من ضيع رأس المال فالربح أضيع إذ الربح لا يعد ربحاً إلا بعد حصول رأس المال ، وقوله (أن لهم) حذف الباء لتعجيل المسرة ، وقوله (لهم) تلذذ بأن ذلك ملكهم فهو يقول لهم : الجنات لكم ، ما لأحد تفضل عليكم بل هي أعمالكم فلا منة عليكم في ذلك وهو معنى (لهم أجر غير ممنون)
فإن الإنسان إذا كان الشئ ملكه تكمل لذته فيه أكثر من كونه عارية عنده ؛ لأن ملك الغير في النفس منه شئ هذا حال الغالب ، ولو فهموا أن نسبة الأشياء إلى الحق أولى وأن العبد يتلذذ بالشئ على أنه ملك لسيده أتم وأكمل في اللذة من كونه ملكاً له لأن ملكه على حسب صفته وملك سيده على حسب كمال السيد فشتان بين الملكين
وقوله (جنات) نكرها لكونها نكرة في عين تعريفها فإنها وإن كانت معروفة في الجملة فهي مجهولة في التفصيل
وفي الحديث : " في الجنة مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر "
و صلى الله وسلم و بارك على سيدنا محمد و على آل سيدنا محمد
سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن أعظم الشرك فقال " أن تجعل لله ندا وهو خلقك " والمعنى لا تستعينوا برزقي على عبادة غيري
سؤالان : الأول : إن واضع اللغة هو الله عز وجل فإن كان كذلك فتفسير كلام الله لمن توسع في اللغة وعرف معاني القرآن فإنه تتضح عنده المعاني الموضوعة لها الألفاظ لكثرة إطلاعه على المواد
والجواب : أنه لا ملازمة بين الألفاظ المشتركة الموضوعة ، وقد يريد الحق منها أحد معانيها فيصرفه المفسر للمعنى الآخر الذي لم يقصده الحق تبارك وتعالى فيقع الخطأ ، كالعين فإنها موضوعة للباصرة والجارية والذات والتقدير فتخصيص أحدهما بالمعنى لا يفهم إلا بتفهيم الله له ، والقرائن لا تفهم شيئاً لأنها قد تكون ظاهرة بحسب فهم القرينة والحال أن هناك قرينة غير هذه خفيت عنه تظهر لغيره وقد يكون ليس معتمداً فيه على القرينة فلا يفهم معنى كلام الله إلا بنور إلهي يفرق به العبد بين الحق والباطل ، وسبيله ليس الكسب فقد يفسر العارف ويكون مراد الحق غير ذلك . بخلاف الذي أوقفه الله على مراده من كتابه ، فإذا كان الفهم إلهيا فإن صاحبه لا يخطئ (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم) بالبناء على الفاعل
هذا والأنبياء عليهم الصلاة والسلام بعض المرات لا يهتدون لمراد الحق من كل الوجوه وإن كانوا لا يخطئون ، قال الله تعالى في حق داود وسليمان (ففهمناها سليمان) والحال أن داود لم يخطئ وإنما حكم بحق (وكلا آيتنا حكما وعلما)
ولكن لما كان حكمه فيه الضرر على صاحب الغنم ، وحكم سليمان لا ضرر فيه وهو مرض للجانبين كان أولى والحق هو الذي أفهمه وذلك قول الله تعالى (إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم) والنفش هو الرعي ليلاً
وقد حكم رسول الله r على أصحاب الدواب أن يحفظوا دوابهم بالليل ، وعلى أصحاب الزرع أن يحفظونها بالنهار ، فإن رعت ليلاً كان الضمان على أربابها ، وإن رعت نهاراً لا شئ عليهم ، فداود حكم بالضمان فلم يخطئ ولكن لما قومت الغنم وصارت قيمتها مساوية لقيمة الزرع حكم بأن تعطي الغنم لصاحب الزرع
والحكم كذلك من جهة أن الغريم إذا كان دينه قدر المال يحكم له به ، ولكن لما كان يمكن أن يوفى من غير ضرر بالمدين كان أولى ، فحكم سليمان أن يأخذ الغنم صاحب الزرع فيحلبها ويأخذ الزرع صاحب الغنم فيسقيه حتى يعود إلى حاله الذي أكلته فيه الغنم فيأخذ غنمه ويترك لصاحب الزرع زرعه
كان ذلك أولى لأن صاحب الزرع كان يتعيش من زرعه وصاحب الغنم كان يتعيش منها أيضاً ، فلما كانت معيشة صاحب الزرع هي التي تحمله على الاستعجال بالقيمة أعطاه إياه فصبر وصاحب الغنم ثمرته أضاعها بتفريطه في الغنم فهذا هو الفهم أ هـ
(الثاني) : الزينة قد أمر الله بها ولم يحرمها ، فإذا أحب أحد الزينة من الناس والله يقول (قل من حرم زينة الله) فما الحكم بذلك ؟ أ هـ
والجواب : أن المراد بالزينة هي زينة الله أي التزين لله ، إن الله إذا أنعم على عبده نعمة أحب أن ترى عليه كأن يتزين ليراه الحق متجملاً بما أعطاه ليحبه ، لا ليراه الناس على صفة حسنة ، فتلك زينة الناس لا زينة الله فهي مراقبة غير الله التي هي الرياء بعينه أ هـ
فكلهم طلبوا البينة على أنه لا ريب فيه ، فقال تعالى : (وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعو شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين)
هذا راجع لقوله : (ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين)
علم الله أن هذا الرسول الذي أرسله لابد أن تطلب منه بينة حتى يتبع أعطاه بينة الإعجاز أ هـ
والريب : التردد في الشئ ، وأثر (عبدنا) على رسولنا لأنهم لم يقروا برسالته ؛ ولا، العبودية أشرف الأشياء فلذلك وصفه الحق بها في أشرف أوقاته وهي ليلة الإسراء فقال (سبحان الذي أسرى بعبده) تحداهم بسورة واحدة وهذا آخر الإعجاز لأنه أولا طالبهم بالقرآن كله وذلك قوله (فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين)
لأنه لا يحسن في العرف أن يطلب من أحد الشئ القليل فإن عجز طلب منه الشئ الكثير فإن عجز طلب منه الأكثر لأنه لما عجز عن القليل من الكثير فالأكثر أعجز وأعجز وإنما يطلب الكثير فإن عجز خفف عنه
وقوله حجة وعناد وإظهار للعباد وإلا فهم يعرفون أنه من عند الله (فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون) فعجزوا فقال لهم لما قالوا افتراه (قل فاتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله) وقد دعاهم إلى الإيمان بها والعمل كما أنه دعا إلى الإيمان بالقرآن
فآمن به رجال عقلاء يعرفونه وامتثلوا أحكامه ، ومن الذي يجيب إلى الإيمان بها وهو يعلم أنها مفتريات افتراها فلان . ويلزم نفسه أحكاماً فقرأه عليهم فعجزوا ولم يأتوا بشئ فقال لهم (فإن لم يستجيبوا لكم) أي إلى الإيمان بها (فاعلموا أنما أنزل بعلم الله) فقال في آية يونس أيضاً (أم يقولون افتراه قل فاتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين)
أي ادعوهم إلى الإتيان بها والسورة ثلاث آيات فطلب منهم ثلاث آيات كالقرآن لها معنى صحيح تخبر بأمر مغيب إما إخبار فيم مضي وإما بما سيكون كقوله (إنا أعطيناك الكوثر) … الخ
وسبب نزولها لما مات ولد النبي صلى الله عليه و سلم القاسم فقال المشركون : إن محمداً قد بتر : يعني انقطع نسله فنتربص به ريب المنون ، يموت كما يموت الناس فلا يبقى معه من يحيى دعوته ، فرد الله عليهم بقوله (إنا أعطيناك الكوثر) أي أهل الكوثر فحذف المضاف أي إن أخذنا منك ولدا واحدا فقد أعطيناك المؤمنين كلهم أولاداً لك يحيون دعوتك (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وهو أب لهم) هكذا في مصحف أبي وعلى أيضاً ، والمعنى كذلك من كانت زوجته أمك من أجلها فهو أبوك ، وهذا إخبار بالغيب فإن الإسلام حين نزولها كان ضعيفاً ليس معه إلا خديجة وعلى ونحوهما فلذلك يقولون (نتربص به ريب المنون)
وقوله (فصل لربك) أي اسجد شكراً لهذه النعمة (وانحر) أي الأعداء بأهل الكوثر الذين أعطيناكهم في نحور أعدائك وابترهم ، فلم يخلفهم من أولادهم أحد يحيى دعوتهم بل من خلف ولداً ولده صار ولد النبي r وبتر أوبه ، ونحرهم بأولادهم كأبي عبيدة عامر بن الجراح فإنه قتل أباه الجراح يوم بدر ، وذلك أن أباه كان يتحرى أن يقتله فكلما رآه قبله حاد عنه وأبوه لم يزل يتبعه ليرميه فلما رأى أنه لا يدعه قتله
وكخالد بن الوليد أبوه الوليد بن المغيرة كان من المؤذين لرسول اللهصلى الله عليه و سلم فأعطى الله ولده للنبي ، وكعكرمة بن أبي جل أعطاه للنبي r فدمرهم بأولادهم ثم قال (إن شانئك هو الأبتر)
وهذا إخبار عن مغيب أيضاً لم يقع حينئذ ، لأن دين الكفر حينئذ كان في شدة وقوة ، ولا يتخيل للناظر أنهم سيبترون ، فأخبرهم الحق في أقصر سورة بثلاث معجزات
الأولى : أن النبي له أولاد بلا عدد وهم أهل الكوثر
والثانية : فيها الأمر بنحرهم من قبل ظهورهم وكما أمر وقع
والثالثة / أخبره أن المشتركين هم المبتورون وكانوا حينئذ أقوياء بأنبائهم فانبتروا إلى الآن فما ثم من ينتسب إليهم أ هـ
فالمثلية المطلوبة هي أن يؤتي بكلام فيه إخبار بالغيب إما الأخبار من الماضي كقصص أدم وخروجه من الجنة ، وقصة نوح وإبراهيم وموسى وهارون ويوسف ، والله يقول (وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر) (لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين) أي آيات نبوة محمد r فإنه أخبر بأمر غيب ولم يكن يحضره لأنه لم يكن موجوداً بذاته في زمن يوسف
فكل هذه القصص مكتوبة في الكتب السابقة التوارة والإنجيل وغيرهما ، وكل ما حكاه سئل عنه أهل الكتاب الذين لم يجحدوه فقالوا ما أخطأ حرفاً واحداً ولم يكن جالس أهل الكتاب بل كان راعياً للغنم ، وأبعد الناس عن القصص والأخبار رعاة الغنم ، ولا يعرف الكتابة ، كتب له اسمه فلم يعرفه من طريق الظاهر
فلذلك قال لعلي حين أراد محوه : أرنيه حين كتب هذا ما صالح عليه محمد رسول الله . فقال أبو سفيان : لو علمنا أنك رسوله ما نازعناك اكتب محمد بن عبد الله فقال لعلي : امحه ، واكتب محمد بن عبد الله فقال على : والله لا أمحو اسمك فقال : أرنيه فأراه إياه فمحاه والله يقول : (وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك)
وقال أيضاً حين قالوا (يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين) فإن افتروا كلاماً كتاباً عربيا فصيحاً فماذا يعملون في الإخبار عما مضى كما أخبر القرآن
فكيف يفترون القصص السابق ويوجد كما هو في الكتب المنزلة (لقد كان في قصصهم عبرة لأولى الألباب ما كان حديثاً يفترى) أي فمثل هذا لا يمكن أن يفترى ؟ ومن أين يتأتى لهم الإخبار عما سيكون في المغيبات ، وكم معجزات من القرآن أخبر بها قبل وقوعها فوقعت كما أخبر ؟! فمن أين ينصبون سلالم الكهانة كذلك ويأتون به ؟!
ولما كانت المراتب السابقة الثلاث الأولى فيها بعض المشقة لكونها طلب فيها القرآن كله ، والأخريان لكونهما مقترنين بالدعوة إلى الإيمان بها ، ومن آمن بها لزمته أحكامها وتكاليفها من صلاة وصوم قال لهم في هذه الآية (وادعوا شهداءكم) أي ائتوا بمن يشهد أنها من عند الله ولا يؤمن بها حتى تلزمه أحكامها فتكفي الشهادة منه بالتوراة والإنجيل أنها من عند الله . فإنه شهادة منا أنهما حق . ولا يلزمنا أحكامهما بل كانت لأهلهما قبل نزول القرآن . فلم يأتوا بشئ ، فقال لهم الله (فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا)
وهذه معجزة أخرى فنفى عنهم الفعل في الحال والمستقبل وكان كما أخبر فلم يأت أحد بشئ إلى وقتنا هذا
وقوله (في ريب) أبلغ من أن نقول (وإن ارتبتم) لما فيه من الإشارة إلى أنهم متفاوتون في الريب (مما نزلنا) أبلغ من أن يقول فيما نزلنا لأنه يمكن الإتيان بشئ يسير أي وإن كنتم مرتابين في شئ منه لا في كله فأتوا بسورة
وقوله (عبدنا) أتى به دون رسولنا لأنهم ينكرون الرسالة فخاطبهم بالعبودية التي لا ينكرونها وهي أشرف أسمائه r لما فيها من الذل الكامل لسيده
والعبد يعظم قدره على قدر تواضعه لسيده فلذلك أطلقها الحق عليه في أشرف أوقاته وهي ليلة الإسراء فقال (أسري بعبده) فلو كان في تلك الليلة اسم أشرف لخاطبه به ، والذل هو الوصف الموجب للنصر (ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة) يعنى أذلة لله ومن أجله لا لغيره ، وأما الكفار فأعزة عليهم كما قال الله : (أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين) وكانت العرب شأنها البلاغة في الكلام ، وأرسل الله رسوله بالقرآن وجعله معجزته الكبرى . وإن كانت له معجزات غيرها
وقوله (إن كنتم صادقين) ليس معناه إن كنتم صادقين في أنكم مرتابون ، إذ الريب لا يوصف بالصدق بل راجع إلى ما رجحوه في عقولهم من أنه ليس من عند الله ، وأنه تقوله ، لأنهم يترددون فيقولون تارة من عند الله وتارة من عند بشر آخر وتارة يقولون : تقوله
ولهذا كل رسول يعطيه الله معجزة من جنس ما عليه قومه فلما كان في بني إسرائيل السحر أرسل الله إليهم موسى باليد البيضاء والعصا تنقلب حية ، فاجتمع السحرة فأعجزهم وذلك في قول الله (فجمع السحرة لميقات يوم معلوم) وهو يوم الزينة وكان عاشوراء ، وما عمل الميقات موسى إلا بإذن الله
وكانت السحرة ثمانين ألفاً ، وقيل للناس هل أنتم مجتمعون ؟ واجتمع خلق لا يحصون ، إذا كان هكذا فما بالك بالمتفرجين والجيش الذي سيقطع أيدي ثمانين ألفاً وأرجلهم ويصلبهم به كما هو ، وقد أنطق الله فرعون بحقيقة حال السحرة قبل أن تظهر فقال لهم : (وإنكم إذا لمن المقربين)
وكذلك كان فصاروا في حينهم أولياء مقربين فجمعوا كيدهم وصاروا صفا واحدا وجاء موسى وهارون صفا يقابلون الثمانين ألفا أيضاً (فألقوا حبالهم وعصيهم وقالوا بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون)
صارت العصي والحبال تتحرك من السحر الذي عملوه فيها ويتخيل للناظر أنها تسعى (فأوجس في نفسه خيفة موسى)
خاف أن يلتبس الحق بالباطل حيث أتوا بشئ وهو يأتي بشئ فيظن الناس أنهم سواء ، وإلا فلو خاف من سحرهم لما قال له الحق (إنك أنت الأعلى وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا) إنما نأخذ السحر من الحبال والعصي فنتركها حبالاً وعصياً على أصلها فلا يرى فيها ذلك التحرك ، ويزول تخيل أنها تسعى فهي تأخذ ما صنعوا وهم ما صنعوا العصي فإنها صنع الله ولا الحبال فإن الحبل نفسه ليس سحراً صنعوه
وقد بين الحق صنعهم فقال (إنما صنعوا كيد ساحر) فأخذت ذلك الكيد فقوله (تلقف ما يأفكون) معناه ابتلعت السحر من الحبال والعصي وتركتها حبالاً وعصياً على أصلها ، وإلا لو ابتلعتها وهي على حالها تتحرك لسري الاحتمال إلى أنه ساحر أكبر منها جاء بسحر عظيم ، فالمعجزة في إبطال سحرهم لا في ابتلاع عصيهم وحبالهم ولأنه يمكنهم أن يأتوا بسحر آخر يعارضون به
وقوله (فألقي السحرة ساجدين) لم يقل سجدوا لأنهم لم يسجدوا باختيارهم ، بل الحق هو الذي ألقاهم فهم مأخوذون عن أنفسهم لا بتدبرهم في ذلك ، فكان عين ابتلاع العصي لسحرهم هو عين زوال الحجاب عن قلوبهم ، فصاروا في الحين أولياء شاهدين فلذلك غابوا عن الحور والقصور وقالوا : (والله خير وأبقى) ولم يقولوا : والآخرة خير وأبقى
وقولهم (برب العالمين) لما كان يمكن أن يصرفه فرعون عن ظاهره ويقول لهم رب العالمين قالوا (رب موسى وهارون) وإلا لكان قولهم رب العالمين كافياً ثم توعدهم وقال : (لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم أجمعين) (قالوا لا ضير) أي لا ضرر علينا في ذلك . لأن القتل يجمعنا على حبيبنا وذلك قولهم (إنا إلى ربنا منقلبون) أي ذلك التعذيب والقتل يجمعنا عليه وقالوا له : (أن كنا أول المؤمنين) فهي حقيقة فيهم فهم عن أنفسهم قائلون ذلك بربهم عن ربهم ، وهذا أمر لا تأتي العبارة إليه بشئ وإنما هي أحسن من السكوت
وفعل فرعون بالسحرة ما توعدهم به فكان يأتي بالواحد منهم فيقطع يده ويقول له : إن رجعت تركناك وإلا قطعنا رجلك ثم صلبناك فلا يرجع ، ويقول له : لا ضير ، فينقطع رجله فيقول كذلك فيصلبه هكذا حتى انتهى إلى آخرهم فلم يرتد واحد منهم لأن إيمانهم كان إيماناً شهودياً عيانياً ولو كان على الغيب ما ثبتوا هكذا
فتبين أن المعجزات والخوارق لا تجئ بإيمان ، وإنما هي إقامة حجة . فلا يؤمن أحد إلا إذا أن للإيمان أن يسكن في قلبه (أولئك كتب في قلوبهم الإيمان) يعني أوجبه وأثبته كقوله (كتب عليكم الصيام) (كتب عليكم القصاص) (كتب عليكم القتال) فلا عوارض تزيله ولا خوارق تزيده (ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم) إلى أن قال (وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله) وقال الله (وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون) وقال الله (ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمعم الموتى وحشرنا عليهم كل شئ قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله) (ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين)
ولا فرق بين أن يكون خرق العادة خارجاً عن نفسه أو فيها فإنهم لما قالوا (أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه) قال الله (ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون) أي بأنفسهم فضلا عن رقيك أنت (لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون)
(فإن لم تفعلوا) هذا أبلغ من أن يقولوا فإن لو تأتوا لأنه يعم ما يأتون به من عند أنفسهم وغيرهم
والخطاب راجع إلى (ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر) وإلى المخاطبين بقوله (وإن كنتم في ريب) وقوله (ولن تفعلوا) وكذلك
والمراد نفس الأمرين مع الإتيان بالسورة والشهادة فلم يأتوا بشئ منهما ولن يأتوا به . وقوله (فاتقوا النار) أي بلا إله إلا الله فهي كلمة التقوى )وألزمهم كلمة التقوى) وهو أبلغ من أن يقول آمنوا لما فيه من التخويف
وقوله (وقودها) وقودها بفتح الواو أي الحطب ، وأما الوقود بضم الواو فهو الإيقاد فعل الفاعل الذي هو المصدر ، وجهنم لا حجر فيها ولا حطب بل هم حطبها وأصنامهم (إنكم وما تعبدون من دون الله حطب جهنم أنت لها واردون) والنار هي حار منضغط بعضه في بعض ، وهي بنفسها تحرقهم واتقادها المروى في حديث " أوقد عليها ألف عام حتى اسودت " هو عين إيجادها فليس أنها يلقى فيها حطب فتوقد به
وقوله (الحجارة) التي عبدت من دون الله والشمس والقمر والكواكب وفائدة إدخالها أنه يحرقهم بعين ما عبده فيصير ما عبدوه معذبا لهم بنفسه وهو حينئذ يصير من جنس النار (يوم يحمى عليها في نار جهنم) الآية فالذهب والفضة من جملة الحجارة التي يعذبون بها وقوله (أعدت) أي هي صورت لهم من سابق لا النار تخلق لهم يوم القيامة بل هي موجودة
وقال الله أيضاً (وإن جهنم لمحيطة بالكافرين) يعني في الدنيا
وكان رسول الله r جالساً مع أصحابه فقال لهم : إن حجرا ألقي من شفير جهنم منذ سبعين سنة الآن بلغ فيها ، وهم سمعوا هذه فما لبثوا يسيرا أن سمعوا صيحة في بيت رجل من المنافقين مات فعدوا عمره فإذا هو سبعين سنة ، وكان هو الحجر المشار إليه
فأصحاب جهنم هنا وهم فيها في عين كونهم هنا ، وكذلك أصحاب الجنة وقد رآها الرسول r ليلة أسري به ، وكذلك نقلت له في هواء وصاح شوقاً فقال للصحابة : 0دنت مني جنتي إنها كادت أن تمس ثيابي وذلك حين رأيتموني عين يقين وقال : (دنوت من الجنة وذلك حين رأيتموني تقدمت وقال : حتى هممت أ، أخذ عنقوداً من ثمارها ولو أخذته لأكلتم ما بقيتم) وكذلك أن ثمار الجنة لا مقطوعة ولا ممنوعة
ومعنى ذلك أنها لا تمتنع من أخذها ولا تفقد في محلها وتنفصل عنه ، بل في عين أخذها هي باقية كالسراج إذا أردت أن تأخذ منه قبساً خذ منه وهو باق في أصله لا ينعدم ، فأنت أخذت منه وانتفعت ولم يحصل بذلك نقص
فمن أجل ذلك قال الرسول r " الناس شركاء في ثلاثة : الماء والنار والكلأ "
قال الحق تعالى في معنى ذلك لبعض المقربين : أرأيت إن كنت في مغارة ومعك ماء والناس محتاجون إليه وأنت غير محتاج إليه ومنعتهم من أبخل منك ؟ فقال لا أحد . فقال له : أفأمنعهم رحمتي وهم محتاجون إليها وأنا غني عنها
وقوله (للكافرين) ولم يقل لكم لأنه ثبت كفرهم فصرح به وهي راجعة إلى (ومن الناس)
قوله تبارك وتعالى : (وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار كلما رزقوا منها من ثرة رزقاً قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابها ولهم فيها أزاج مطهرة وهم فيها خالدون) المخاطب يفسر بعبادنا على سبيل الالتفات ، والتبشير : الإخبار بالخبر الذي يؤثر في البشرة من باب قول رسول الله r " من أسر سريرة ألبسه الله رداءها)
فتارة في الخير وهو الأكثر وهي البشاشة التي تظهر على بشرة صاحبه ، وتارة في الشر كقوله (فبشرهم بعذاب أليم) لرؤية الحزن في وجوههم والمراد بأن الذين آمنوا هم المتقون الذين قال فيهم (لا ريب فيه هدى للمتقين) لأنه لما ذكر جزاء المرتابين . ناسب أن يذكر جزاء الذين لم يرتابوا (الذين آمنوا) المراد به ما يعم الظالم لنفسه والمقتصد والسابق بالخيرات من الرجال والنساء
والمراد بالظالم لنفسه في كلام الله الذي قصر ظلمه على نفسه بأن أطال قيامها وصيامها وأجهدها وأتعبها بالأعمال الشاقة فلم يرحها ، وهو إن كان محموداً ولكنه يطلق عليه لأنه ظلمها حقها فإن رسول الله r قال : " إن لنفسك عليك حقا "
وليس الظالم الذي يظلم الناس قلنا لك لم يطلقه بل قيده بقوله (لنفسه) ، وأما الظالم لغيره فذلك لا يحبه الله والله لا يحب الظالمين ومن لا يحبه لا يبشر ، وهو الذي لم يتخلص من هواه من جميع الوجوه وإن قام بالعبودية لكونه يقوم فيا بنفسه فلابد أن ينقص عليه شئ ، والسابق هو الذي قام بالعبودية بربه فإن كان ربه سمعه وبصره وسائر قواه فهو المقرب (والسابقون السابقون أولئك المقربون) ولم يقر المتقربون
لكن هو الحق الذي قربهم فهم مأخوذون عن أفعالهم ، وأما المتقربون فهم أصحاب اليمين سواء كانوا مقتصدين أو ظالمين لأنفسهم ، والظالمون الظلم المطلق هم أصحاب الشمال فالآية جاملة الكل ولكن بشارتهم بحسب مقاماتهم فمنهم من الجنات في حقه جنات معارف ومنهم من الجنات في حقه جنات زخارف
والمراد بالإيمان المذكور في حديث جبريل عليه السلام (أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وتؤمن بالقدر خيره وشره) فهو غير عمل الصالحات فلذلك عطف عليه
وأقل العبادة التي يدخل الإنسان بها الجنة إقامة الفرائض . أما ما وراء ذلك فهو من الربح ، فإذا اقتصر على الفرائض ورضي بذلك القدر كان كافياً ، والصلاح ضد الفساد لأن الإنسان يتجر في المال ليزيده ، وإذا كان كذلك فرأس المال محفوظ معه ويطلب الربح ، وأما من ضيع رأس المال فالربح أضيع إذ الربح لا يعد ربحاً إلا بعد حصول رأس المال ، وقوله (أن لهم) حذف الباء لتعجيل المسرة ، وقوله (لهم) تلذذ بأن ذلك ملكهم فهو يقول لهم : الجنات لكم ، ما لأحد تفضل عليكم بل هي أعمالكم فلا منة عليكم في ذلك وهو معنى (لهم أجر غير ممنون)
فإن الإنسان إذا كان الشئ ملكه تكمل لذته فيه أكثر من كونه عارية عنده ؛ لأن ملك الغير في النفس منه شئ هذا حال الغالب ، ولو فهموا أن نسبة الأشياء إلى الحق أولى وأن العبد يتلذذ بالشئ على أنه ملك لسيده أتم وأكمل في اللذة من كونه ملكاً له لأن ملكه على حسب صفته وملك سيده على حسب كمال السيد فشتان بين الملكين
وقوله (جنات) نكرها لكونها نكرة في عين تعريفها فإنها وإن كانت معروفة في الجملة فهي مجهولة في التفصيل
وفي الحديث : " في الجنة مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر "
مواضيع مماثلة
» هدي النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان
» وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم
» هدي النبي صلى الله عليه وسلم في معاملة الكافر
» دور النبي محمد – صلى الله عليه وسلم - في تحضر العرب
» أدبُ الصحابةِ رضيَ اللهُ عنهم مع النبي صلى الله عليه وسلم
» وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم
» هدي النبي صلى الله عليه وسلم في معاملة الكافر
» دور النبي محمد – صلى الله عليه وسلم - في تحضر العرب
» أدبُ الصحابةِ رضيَ اللهُ عنهم مع النبي صلى الله عليه وسلم
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى